هل يستطيع المغرب التغلب على عوائق الانتقال الطاقي لتحقيق أهدافه؟

في السنوات الأخيرة، أصبح الانتقال الطاقي في المغرب أحد أبرز الأولويات الاستراتيجية، وسط طموحات كبيرة لجعل المملكة رائدة في مجال الطاقات المتجددة على مستوى القارة الإفريقية.
ويبرز هذا الطموح من خلال المشاريع الضخمة التي أطلقتها الدولة، لا سيما في مجالات الطاقة الشمسية والرياح، في محاولة لتحقيق استقلال طاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلى جانب تقليص الانبعاثات الكربونية التي تؤثر على البيئة.
ورغم هذه الطموحات الكبيرة، يواجه المغرب تحديات جمة في تنفيذ استراتيجياته الطاقية، وهو ما يهدد بتعطيل مسار تحوله إلى قوة طاقية رائدة.
وتتعدد هذه التحديات بين تأخيرات في تنفيذ بعض المشاريع الهيكلية، والنقص في التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية، وضعف البنية التنظيمية في بعض القطاعات مثل الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء (ANRE) التي تعتبر واحدة من ركائز التنظيم في سوق الطاقة المغربي.
وبينما تسعى الحكومة إلى فتح الأفق للقطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة، يبدو أن الاحتكارات التقليدية ما زالت تقاوم هذه التحولات، مما يعرقل تحقيق الأهداف الطموحة.
الأمر لا يقتصر على الصعوبات الهيكلية فحسب، بل إن هناك أيضا تداعيات اقتصادية استراتيجية قد تؤثر على موازنة المغرب في المستقبل. فالانتقال الطاقي البطيء قد يؤدي إلى استمرار اعتماد المملكة على واردات الوقود الأحفوري، مما يضع عبئا ثقيلا على ميزانية الطاقة.
وأظهرت الأرقام أن فاتورة الطاقة في المغرب تجاوزت 153 مليار درهم في عام 2022، وهو ما يعني أن التأخير في الانتقال الطاقي قد يزيد من هذه التكاليف.
كما أن التأخير في تقليص الانبعاثات الكربونية يعرض المغرب لمخاطر فرض ضريبة الكربون من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤثر سلبا على قدرة الصادرات المغربية على التنافس في الأسواق الدولية.
ورغم هذه الصعوبات، لا يزال المغرب يسعى لتعزيز مكانته في مجال الطاقة المتجددة من خلال مشاريع عملاقة، مثل مجمع نور ميدلت للطاقة الشمسية والرياح، الذي يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق تنويع في مصادر الطاقة.
إلى جانب ذلك، تسعى المملكة لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر التي تمثل أفقًا واعدًا في مسار الانتقال الطاقي. لكن نجاح هذه المشاريع يعتمد بشكل كبير على الإطار التنظيمي المتين والبنية التحتية الملائمة، التي قد تكون في حاجة إلى مزيد من الإصلاحات لتيسير تنفيذ هذه المبادرات.
وعلى الرغم من التحديات، فإن هناك بوادر أمل تشير إلى أن المغرب قادر على التغلب عليها. فالربط الكهربائي مع موريتانيا والمشاريع التي تعزز التعاون الطاقي مع أوروبا وأفريقيا، كلها تصب في مصلحة المغرب كقطب طاقي إقليمي.
هذه الاستراتيجيات قد تمنح المغرب مزيدا من الاستقلالية في مجال الطاقة، كما أنها تفتح له آفاقا جديدة في تصدير الطاقة المتجددة.