الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى المشاركين في ندوة دولية بمجلس النواب

أكد الملك محمد السادس، في رسالة وجهها إلى المشاركين في ندوة دولية بمجلس النواب حول "التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية"، على أهمية هذه التجربة التي تتميز بالشفافية والموضوعية، معتبرا إياها فرصة لتذكير الأجيال الحالية والمقبلة بما حققته المملكة من إصلاحات ومصالحات، مشيرا إلى أن هذه التجربة هي "استمرار لقراءة تاريخية جريئة لماضينا، دون عقد أو مركب نقص"، وأنها تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والمصالحة الوطنية.
وذكر الملك أن إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة كان قرارا سياديا، ويعتبر جزءا من "مسار طوعي لتدبير الشأن العام يقوم على مفهوم جديد للسلطة وعلى مسؤولية المؤسسات ومحاسبتها لضمان كرامة كل المغاربة"، موضحا أن هذا القرار استند إلى رؤية استباقية للتحديات العالمية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي وأهمية القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخيارات الاستراتيجية للمغرب.
كما سلط الملك الضوء على الأسس الصلبة التي اعتمدتها العدالة الانتقالية في المغرب، مشيرا إلى أن الهدف كان "الاهتمام بكل الضحايا على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، والانكباب على كل الانتهاكات لحقوق الإنسان من السنوات الأولى للاستقلال إلى تاريخ إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة"، وأضاف أن "العدالة الانتقالية في بلادنا استندت إلى خصوصية الشخصية المغربية والجغرافيا، بهدف جبر الأضرار الفردية والجماعية مع مراعاة بعد النوع".
وحرص الملك على التأكيد على أن أحد الجوانب المميزة للتجربة المغربية هو "انخراط المجتمع المدني بكل أطيافه في بلورة وإنجاح العملية"، قائلا إن "العدالة الانتقالية فتحت الفضاء العام أمام نقاشات وحوارات مجتمعية حول الإصلاحات والقضايا الجوهرية التي تهم الرأي العام الوطني".
وبخصوص تعزيز الوعي الجماعي في المجتمع، أكد الملك أن العدالة الانتقالية ساهمت بشكل كبير في "مناهضة انتهاكات حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن "الدروس المستخلصة من هذه التجربة تؤكد على ضرورة مواصلة ترسيخ أسس دولة الحق والقانون، مع ضمان احترام الحقوق والحريات وحمايتها".
وفي ختام رسالته، ذكر الملك بأن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة قد طرحت مقترحات شملت "السياسات العامة والعمومية" مع التركيز على "تعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان"، وأضاف أن هذه التوصيات أسهمت في "إصلاحات مجتمعية واسعة بما فيها الدستورية والتشريعية بهدف القطع مع انتهاكات الماضي وترسيخ تدبير عمومي يعتمد على قواعد دولة الحق والقانون".