المغرب يسجل تباطؤاً غير مسبوق في معدل النمو السكاني
عن الشرق نيوز
أظهر الإحصاء العام للسكان في المغرب تراجعاً في معدل النمو السكاني بالبلاد، ليستقر عدد السكان في العام 2024 عند نحو 37 مليون نسمة.
وبلغ عدد السكان حتى سبتمبر 2024، ما مجموعه 36 مليوناً و828 ألفاً و330 نسمة، وبذلك عرف سكان المغرب منذ الإحصاء العام للسكان لسنة 2014 زيادة تبلغ مليونين و980 ألفاً و88 نسمة على مدار 10 سنوات، بزيادة نسبتها 8.80%.
غير أن المؤشر، الذي دق ناقوس الخطر، هو تراجع معدل النمو السنوي من 1.25% خلال العقد السابق (2004-2014)، إلى 0.85% خلال العقد الأخير (2014- 2024)، نتيجة تأخر سن الزواج وتراجع معدل الإنجاب، فيما حذر خبراء من تحولات اجتماعية واقتصادية تقلب الهرم السكاني للمملكة، وتطرح تحديات على السياسات الحكومية.
مخاوف من اختلال ديمغرافي
وكشفت إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط (جهاز الإحصاء في المغرب) تراجعاً مطرداً في معدل النمو السكاني منذ ستينيات القرن الماضي، إذ بلغ المعدل حينها 2.6%، بين عامي 1960 و1982، قبل أن يتراجع هذا المعدل إلى 1.25% بين 2004 و2014 ويصل إلى 0.85% بين 2014 و2024.
وبحسب تقرير المندوبية، تضاعف عدد سكان المغرب بأكثر من 3 مرات منذ 1960، ليتعزز بأكثر من 25 مليون نسمة في سنة 2024، رغم الانخفاض المستمر للنمو الديمغرافي طوال هذه الفترة.
وقال الخبير في علم الاجتماع الدكتور علي الشعباني، في حديث مع "الشرق"، إن هذا التباطؤ في النمو السكاني "يعزى أساساً إلى سياسات تنظيم الأسرة التي انتهجتها الحكومة بعد الطفرة التي حدثت في الستينيات، لتتجه الحكومة نحو تنظيم النسل وخفض نسبة النمو الديمغرافي".
وأضاف الشعباني أن "المرأة المغربية، غداة الاستقلال، كانت تنجب 5 إلى 7 أبناء مع ما يعنيه ذلك من تبعات على الرفاه وجودة الحياة، وكذا الكلفة التي تتحملها الدولة لتغطية نفقات الصحة والتعليم".
ومنذ منتصف السبعينيات، بدأت حملات وزارة الصحة والمنظمات المدنية للتشجيع على استخدام موانع الحمل، ما أسفر عن تراجع معدلات الإنجاب بالفعل، إلى نحو 4 أطفال في التسعينيات، ثم 2 فقط في إحصاء 2014.
غير أن الخبير الاجتماعي حذر من "كارثة" على النمو الديمغرافي والخريطة الديمغرافية للمجتمع المغربي، تقلب الهرم السكاني، لتتسع قاعدة الشيوخ على حساب الشباب، مع ما يرافق ذلك من تداعيات على الاقتصاد والمجتمع.
وحذر الشعباني من "التحول القيمي" الذي أضحى يعيشه المجتمع المغربي نحو النمط الغربي، وتفكك البنية التقليدية للأسرة والعائلة الممتدة، لصالح "الأسرة النووية" أو الأحادية، مع ما يتبع ذلك من تراجع قيم التضامن وطغيان ثقافة الاستهلاك.
تحديات الأيدي العاملة
ولم يكشف الإحصاء الأخير بعد التفاصيل المتعلقة بنسب المسنين ومعدلات الإنجاب، لكنه أشار إلى تزايد عدد الأسر مع انخفاض في متوسط عدد أفرادها.
وأظهرت نتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2024 أن عدد الأسر في المغرب بلغ 9 ملايين و275 ألفاً و38 أسرة. ومقارنة بإحصاء 2014 ارتفع عدد الأسر بمليون و961 ألفاً و232 أسرة، أي بمعدل نمو سنوي قدره 2.4%، غير أن متوسط عدد أفراد الأسرة انخفض من 4.6 إلى 3.9 فرد بين 2014 و2024.
وقال الخبير الاقتصادي بدر زاهر الأزرق، لـ "الشرق"، إن "التحولات الديمغرافية والمجتمعية، التي يشهدها المغرب اليوم، تقترب أكثر من النماذج الغربية، في حين أن الوضع الاقتصادي في المغرب لا يواكب هذه التطورات والتحولات".
وأضاف أن هذا التطور يفرض أعباء على الدولة، خاصة في تمويل برامج الحماية الاجتماعية والرعاية بالنسبة للأطفال في التعليم الأولي، ومواكبة الشباب في الأعمال والمقاولات.