احتجاز سائحة بريطانية داخل مصحة خاصة بمراكش بسبب عدم دفع ثمن العلاج

أفادت صحيفة “The Sun” البريطانية أن مواطنة بريطانية تدعى كوليت روبنسون، 58 عامًا، تواجه تهديدًا بالاعتقال في المغرب بسبب فاتورة طبية تبلغ 27 ألف يورو (حوالي 28 مليون سنتيم)، بعد تعرضها لأزمة قلبية أثناء قضاء عطلتها في مراكش.
ووفق الخبر ذاته، فإن كوليت نُقلت إلى إحدى المصحات الخاصة بالمدينة الحمراء حيث خضعت لعملية جراحية لتركيب دعامة في القلب، ورغم استقرار حالتها الصحية، لا تزال محتجزة في المستشفى منذ أكثر من أسبوع بسبب عدم قدرتها على دفع التكاليف الباهظة للعلاج، الأمر الذي دفع ابنها جاك إلى إطلاق حملة تبرعات لمساعدتها على العودة إلى وطنها.
واعتبر المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام أن هذه الحادثة تمثل إساءة لصورة المغرب كوجهة سياحية عالمية، فضلًا عن كونها مسًّا بحق أساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في العلاج.
وفي بيان رسمي له، أعرب المرصد عن استنكاره الشديد لهذه الواقعة، مشددًا على أن مثل هذه التصرفات تضع علامات استفهام حول مدى التزام المؤسسات الصحية، لا سيما الخاصة منها، بالأخلاقيات المهنية وبالمواثيق الدولية التي تضمن حقوق المرضى. كما طالب الجهات الوصية على قطاع الصحة بفتح تحقيق عاجل واتخاذ تدابير صارمة تحول دون تكرار مثل هذه الحالات، لما لها من تأثير سلبي على سمعة المغرب كدولة منفتحة تحترم حقوق الإنسان.
وأكد المرصد أن مهنة الطب تحمل في جوهرها رسالة إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون نشاطًا تجاريًا، مما يجعل التعامل مع المرضى وفق منطق الربح البحت أمرًا يتنافى مع القيم الأساسية لهذه المهنة، وكذلك مع القوانين والأعراف الدولية المنظمة للقطاع الصحي. كما شدد على أن الحق في العلاج يجب أن يظل حقًا غير مشروط، خصوصًا في الحالات الاستعجالية التي تتعلق بالحياة والموت، حيث لا ينبغي أن يكون عدم توفر المريض على الموارد المالية سببًا في حرمانه من الرعاية الصحية الضرورية.
ودعا المرصد إلى تعزيز الشفافية في القطاع الصحي من خلال ضمان حق المرضى في الاطلاع على الفواتير التفصيلية للخدمات الطبية المقدمة لهم، تفاديًا لأي تضخيم غير مبرر للتكاليف أو استغلال لحالات الطوارئ الصحية. كما شدد على ضرورة تمكين المرضى من اتخاذ قراراتهم العلاجية بناءً على معطيات واضحة، بعيدًا عن أي ضغوط مالية قد تمارس عليهم داخل المؤسسات الصحية.
وفي السياق ذاته، طالب المرصد بتعزيز دور المستشفيات العمومية في التكفل بالحالات الطارئة، حتى لا يتحول القطاع الصحي إلى مجال تجاري محض، حيث يصبح العلاج متاحًا فقط لمن يمتلك القدرة المالية. كما أكد على أهمية فرض رقابة صارمة على المصحات الخاصة لضمان امتثالها لقواعد الشفافية والأخلاقيات المهنية، بما يحفظ ثقة المواطنين والزوار في النظام الصحي الوطني.
واقترح المرصد إنشاء صندوق خاص، تديره هيئة الأطباء أو إحدى المؤسسات الوطنية، يكون مخصصًا لتغطية الحالات الاستثنائية والعاجلة، بهدف ضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية دون المساس بحقوق المرضى. كما دعا إلى إلزام المصحات والمستشفيات بنشر لوائح الأسعار المرجعية بشكل واضح، حتى يكون المرضى على دراية بالتكاليف المتوقعة قبل الخضوع لأي إجراء طبي، وهو ما يعزز الشفافية ويحد من أي تجاوزات مالية محتملة.
وشدد المرصد على ضرورة مراجعة آليات حصول المرضى على ملفاتهم الطبية، بحيث يكون لهم الحق في الاطلاع الكامل على كافة التفاصيل المتعلقة بعلاجهم، بما يشمل الإجراءات الطبية التي خضعوا لها، والأدوية والمستلزمات التي تم استخدامها. كما دعا المشرع إلى وضع إطار قانوني واضح يضمن حماية حقوق المرضى في الحصول على المعلومات الطبية الخاصة بهم، ويوفر آليات شفافة لإثبات جميع الإجراءات العلاجية، بما يضمن تفادي أي استغلال مالي غير مشروع.
وفي ختام بيانه، أكد المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام على ضرورة تبني إصلاحات جوهرية في القطاع الصحي، بما يضمن تحقيق التوازن بين الحقوق المالية للمؤسسات الصحية وبين الحق الأساسي للمواطنين والزوار في العلاج بكرامة وعدالة. كما جدد دعوته إلى تعزيز الممارسات الطبية الأخلاقية والإنسانية التي تحترم قدسية المهنة ورسالتها النبيلة، بما يضمن أن يظل المغرب نموذجًا في احترام حقوق الإنسان، ووجهة صحية آمنة لكل من يقيم فيه أو يزوره